غالبا ما تحتوي الأطعمة فائقة المعالجة على نسبة عالية من الملح والدهون والسكر، وقد تم ربطها بـ 30 مشكلة صحية مختلفة، بما في ذلك أمراض القلب والسرطان والقلق. وتشكل هذه الأطعمة أكثر من 50 في المئة من متوسط ​​النظام الغذائي في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وتحظى بشعبية متزايدة في جميع أنحاء العالم.

ويشرح هذا التقرير كيف أصبحت هذه الأطعمة جزءا كبيرا من الأنظمة الغذائية في الأمريكتين وأوروبا والشرق الأوسط، وكيف أصبحت الآن شائعة في شرق آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، كما يتناول ارتفاع معدلات السمنة والسكري على مستوى العالم وكيف تحاول الحكومات في دول أمريكا الجنوبية خفض الأطعمة فائقة المعالجة في النظام الغذائي للناس.

ما هو الطعام فائق المعالجة؟

لا يوجد تعريف واحد للأطعمة فائقة المعالجة، ولكنها بشكل عام تحتوي على مكونات غير مستخدمة في الطبخ المنزلي.

العديد منها عبارة عن مواد كيميائية وملونات ومُحليات تستخدم لتحسين مظهر الطعام أو طعمه أو ملمسه.

ومن الأمثلة على ذلك المشروبات الغازية والحلويات وقطع الدجاج. ومع ذلك، يمكن أن تدخل أيضا في أطعمة غير متوقعة كالخبز وحبوب الإفطار والزبادي.

كيف تختلف الأطعمة فائقة المعالجة عن الأطعمة المعالجة؟

لمساعدة الأشخاص في التعرف على أنواع مختلفة من الأطعمة، عادة ما يتم استخدام نظام لتقسيم الأطعمة إلى أربع مجموعات: الأطعمة غير المعالجة/أو المعالجة بالحد الأدنى؛ والأطعمة ذات المكونات المعالجة؛ والأطعمة المعالجة؛ والأطعمة فائقة المعالجة.

أنواع الأطعمة
Getty Images
عادة ما يستخدم نظام لتقسيم الأطعمة إلى أربع مجموعات مختلفة

تعرف الأطعمة المعالجة بأنها مزيج من الأطعمة الكاملة مثل الفواكه والخضروات والمكسرات والبيض، مع مكونات الطهي المعالجة.

على سبيل المثال، الخبز المصنوع من دقيق القمح والماء والملح والخميرة يعتبر طعاماً معالجاً، ومع ذلك، إذا تمت إضافة المستحلبات أو الملونات أو المواد الحافظة، فيصبح الخبز فائق المعالجة.

كيف يمكنني التعرف على الأطعمة فائقة المعالجة؟

غالباً ما يتم اعتبار المنتج الذي يحتوي على أكثر من خمسة مكونات بأنه فائق المعالجة، وفقاً لخبير الصحة العامة البروفيسور مايرا بيس راسترولو من جامعة نافارا في إسبانيا.

وبشكل عام تحتوي الأطعمة فائقة المعالجة على نسبة عالية من الملح والسكر والدهون المشبعة. وفي المملكة المتحدة، وبعض البلدان الأخرى، يتم الإشارة إلى هذا النوع من الأطعمة على العبوة.

ومن الممكن أن يكون "طعاماً طازجاً" لكن له مدة صلاحية طويلة، بسبب المواد الحافظة. لذا، تحقق من الملصقات على العبوة لمعرفة المكونات، مثل بنزوات الصوديوم، والنترات، والكبريتات، وبي إتش إيه، وبي إتش تي.

كيف انتشرت الأغذية فائقة المعالجة حول العالم؟

يعتبر الناس في المملكة المتحدة والولايات المتحدة هم الأكثر استهلاكاً للأطعمة فائقة المعالجة.

وفي عام 2023، شكّلت هذه الأطعمة ما نسبته 58 في المئة من متوسط السعرات الحرارية التي يتناولها الشخص البالغ في الولايات المتحدة، و66 في المئة من السعرات الحرارية التي يتناولها الطفل، بينما تقل الأرقام بمقدار واحد في المئة بالنسبة للبالغين والأطفال في المملكة المتحدة.

المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية
BBC

أما في بلدان آسيوية مثل كوريا الجنوبية واليابان، وفي بلدان أمريكا الجنوبية مثل البرازيل وتشيلي، تشكل الأطعمة فائقة المعالجة من 20 إلى 30 في المئة من السعرات الحرارية لدى الناس، وفي جنوب أفريقيا تصل النسبة إلى 39 في المئة.

هل تناول الأطعمة فائقة المعالجة يضر بصحتنا؟

لا يوجد دليل قاطع حول التأثير الصحي لتناول الأطعمة فائقة المعالجة.

ومع ذلك، فقد ربطت دراسة حديثة نشرت في المجلة الطبية البريطانية - بناءً على معلومات جمعت من 9.9 مليون شخص في جميع أنحاء العالم - تناول هذه الأطعمة بما يلي:

- ارتفاع خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية (مثل النوبة القلبية والسكتة الدماغية)

- البدانة

- مرض السكري من النوع الثاني

- مشاكل النوم

- القلق والاكتئاب

ومع ذلك، لم تتمكن الدراسة من إثبات أن معالجة الأغذية هي التي تسبب الأمراض، أو ببساطة أن معظمها يحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكر والملح، وهي الأسباب التي تؤدي للإصابة بأمراض زيادة الوزن و السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان.

السمنة

يقول كريس فان تولكن، عالم المناعة من جامعة كوليدج لندن، والذي كتب أيضا عن التغذية: "إن زيادة الوزن هي التأثير الأول والأكثر وضوحا لتناول الأطعمة فائقة المعالجة".

ويضيف: "هذه الأطعمة تحتوي بالفعل على نسبة عالية من الدهون والملح والسكر، وهي معدّة أيضا - من خلال قوامها وألوانها ونكهاتها - بحيث يتم تناولها بشكل زائد".

وتشير دراسة أجرتها جامعة إمبريال كوليدج لندن إلى أن أكثر من مليار شخص حول العالم - شخص واحد من كل ثمانية أشخاص - يعانون الآن من السمنة.

الأطباء يشككون في الحمية الغذائية القائمة على الفحص المستمر لسكر الدم

السمنة: نصف سكان العالم سيعاني من زيادة الوزن خلال 12 عاما

وتقول إنه بين عامي 1992 و2022، تضاعف معدل السمنة لدى النساء البالغات، وتضاعف ثلاث مرات تقريباً بين الرجال البالغين، وزاد خمسة أضعاف بين الأطفال والمراهقين.

وتشير أحدث البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ومرصد الصحة العالمية، اعتبارا من عام 2016، إلى أن أكثر من 28 في المئة من البالغين في الأمريكتين يعانون الآن من السمنة، وكذلك 26 في المئة في أوروبا، و19 في المئة في شرق البحر الأبيض المتوسط، و26 في المئة في أوروبا، و تسعة في المئة في أفريقيا.

منظمة الصحة العالمية - المرصد الصحي العالمي
BBC

وتقول منظمة الصحة العالمية إن 2.8 مليار شخص يموتون كل عام بسبب زيادة الوزن أو السمنة.

وتقول الدكتورة كلير جونسون، أخصائية التغذية في وكالة الأمم المتحدة لرعاية الأطفال، اليونيسيف: "في العديد من بلدان العالم، أصبحت الأغذية فائقة المعالجة الآن ذات تكلفة بسيطة، ويمكن الوصول إليها بسهولة، مقارنة بالأغذية الكاملة التقليدية الموجودة في الأسواق".

السكري

يعاني الآن عدد أكبر من الأشخاص في جميع أنحاء العالم من مرض السكري من النوع الثاني، وفقاً للاتحاد الدولي للسكري.

يقول جاكو توميليهتو، أستاذ الصحة العامة في جامعة هلسنكي: "إن السكريات والأملاح والدهون الموجودة في الأطعمة فائقة المعالجة كلها عوامل خطر للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني - بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي غني بالسعرات الحرارية ومنخفض العناصر الغذائية".

وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زيادة كبيرة بشكل خاص في عدد الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني. ويقول البروفيسور توميليهتو: "إن العديد من هذه البلدان لا تنتج الغذاء بنفسها، من السهل نقل وتخزين الأغذية فائقة المعالجة. وهذا هو أكثر ما ترسله شركات الأغذية".

الاتحاد الدولي للسكري
BBC

سوء التغذية

يقول الدكتور جونسون إن الأغذية فائقة المعالجة تساهم في سوء التغذية في العديد من دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

ويضيف: "غالباً ما تفتقر هذه الأغذية إلى المغذيات الدقيقة الموجودة في الأطعمة التقليدية الكاملة، مثل الحديد والمعادن والفيتامينات".

ومع ذلك، يرى العلماء في جامعة بوردو بالولايات المتحدة أن الأطعمة فائقة المعالجة يمكن أن يكون لها بعض الفوائد، بما في ذلك:

• توفير العناصر الغذائية مثل فيتامين هـ (E) والكالسيوم.

• توفير خيارات أكثر بأسعار معقولة من الأغذية الطازجة للأشخاص ذوي الدخل المنخفض.

• الحد من هدر الطعام وخطر التسمم الغذائي.

وتؤكد مؤسسة التغذية البريطانية، التي تعمل مع شركات الأغذية وتتلقى التبرعات منها، على أنه ليست جميع الأطعمة فائقة المعالجة متساوية.

وتقول سارة ستانر، مديرة العلوم في الشركة: "بعض الأطعمة التي يمكن تصنيفها على أنها فائقة المعالجة، مثل حبوب الإفطار المصنوعة من الحبوب الكاملة، والخبز المصنوع من الحبوب الكاملة، والزبادي قليل الدسم، يمكن أن تحتوي على نسبة أقل من الدهون والملح والسكر، ويمكن أن تكون هذه الأغذية مصادر للعناصر الغذائية الأساسية والألياف".

ما الإجراءات التي اتخذت ضد الأطعمة فائقة المعالجة؟

فرضت حكومة المملكة المتحدة ضريبة على المشروبات السكرية في عام 2018، وقامت العديد من الشركات المصنعة بخفض مستويات السكر استجابة لذلك.

وفي عام 2023، فرضت كولومبيا ضريبة بنسبة 10 في المئة - والتي ستزداد بمرور الوقت - على المشروبات السكرية والأطعمة فائقة المعالجة.

وفي عام 2016، وضعت تشيلي - التي لديها بعض أعلى معدلات السمنة لدى الأطفال في العالم - ملصقات تحذيرية على الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر أو الدهون أو السعرات الحرارية.

كما فرضت قيودًا على الإعلان والترويج للأغذية التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والملح والسعرات الحرارية للأطفال.

ومع ذلك، في السنوات الأربع التي تلت تطبيق هذه التدابير، استمرت معدلات السمنة لدى الأطفال في الارتفاع.