&دينا كمال

&وسط مخاوف من تقلص نسبة المشاركة وشعور كثير من الأوروبيين بخيبة أمل تجاه تعامل حكوماتهم مع قضايا مثل تدفق اللاجئين والنمو الاقتصادى، يتوجه مواطنو 28 دولة أوروبية فى الفترة من 23 وحتى 26 من مايو الحالى لصناديق الاقتراع لاختيار البرلمان الذى سيمثلهم خلال السنوات الخمس القادمة أى حتى عام 2024.

&لكل دولة قواعدها الخاصة بعملية التصويت لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبى، مما يعتبره البعض أمرا لا يتسم بالعدل والمساواة لاختيار البرلمان الذى يمثل مصالح 512 مليون مواطن هم عدد سكان الدول الـ28 الأعضاء فى الاتحاد حتى الآن، نظرا لعدم وجود قانون انتخابى موحد لكل الدول. وبالرغم من أن أعضاء البرلمان يتم إنتخابهم داخل دولهم، إلا أنه يجب تمثيلهم فيما بعد داخل البرلمان من خلال أحزاب أو مجموعات، بحيث تضم كل مجموعة ما لا يقل عن 25 عضوا من أعضاء البرلمان على أن يمثلوا ما لا يقل عن ربع الدول الاعضاء داخل المجموعة الواحدة. فعلى سبيل المثال يوجد داخل البرلمان الحالى ثمانى مجموعات.

وعلى المرشحين إعلان انتمائهم إما لمجموعة موجودة بالفعل داخل البرلمان أو عزمهم تشكيل مجموعة جديدة عن طريق تحالفهم مع آخرين. وتضمن القواعد الخاصة بانتخاب أعضاء البرلمان تمثيل كافة الدول الأعضاء مهما تكن الدولة صغيرة من حيث الحجم وعدد السكان. وعادة تقوم الأحزاب أو المجموعات السياسية التى أعلنت تحالفها فى حال فوزها بمقاعد فى البرلمان بالاتفاق على مرشح لقيادة الحملة الانتخابية الخاصة بحزب أو مجموعة، ومن يقع عليه الاختيار يكون المرشح عن الحزب أو المجموعة أيضا لتولى منصب رئيس المفوضية الأوروبية، وهو المنصب الذى يحدده البرلمان فى يوليو القادم.

وترجع أهمية البرلمان الذى يضم 751 عضوا، إلى مسئوليته عن انتخاب رئيس المفوضية الأوروبية فيما بعد، وتعيين أعضاء المفوضية ووضع القوانين الخاصة بحماية المواطنين ووضع الميزانيات، وسياسات التجارة بين الاتحاد والدول الخارجية والسياسات الأمنية وسياسات حماية المستهلك وسياسة مكافحة تغير المناخ والسياسات الخاصة أيضا بالنمو الاقتصادى ، فهو البرلمان الذى يمثل الـ28 دولة على الساحة الدولية.

وقد وضعت قضية اللاجئين أو المهاجرين نفسها فى مرتبة متقدمة فى جداول المترشحين، خاصة مع سعى أحزاب اليمين المتطرف بصورة دائمة للتوسع، فتلك الاحزاب دائما ما تكون وجهة نظرها حادة فيما يتعلق بهذه القضية، فهم بالطبع ضد فكرة استقبال أوروبا لمزيد من اللاجئين. كما أثار قرار بريطانيا بالانسحاب من عضوية الاتحاد الأوروبى كثيرا من اللغط ولم يكن محددا حتى فترة قريبة ما اذا كانت ستشارك فى الانتخابات البرلمانية حتى تم الاعلان أخيرا عن مشاركتها بسبب عدم إتمام إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبى .

وهناك مخاوف من عدم إقبال الأوروبيين على العملية الانتخابية، ففى عام 2014 شارك نحو 42 % فقط من الناخبين فى اختيار البرلمان الحالى، ويرجع ذلك لشعور الكثير بالاحباط واليأس إزاء أداء ممثليهم داخل البرلمان، خاصة مع فشل الكتلة الأوروبية فى تبنى سياسة خارجية موحدة، فحتى الأن يشهد الاتحاد الأوروبى اختلافا كبيرا فى تناول الدول الأعضاء للقضايا الدولية والتى عادة ما تتماشى مع السياسة الخارجية لكل دولة على حدة.

وفى مدينة سيبيو الرومانية، عقد خلال الشهر الحالى اجتماع غير رسمى لرؤساء الدول والحكومات الأوروبية، حيث قاموا ببحث الخطط الإستراتيجية للاتحاد خلال السنوات القادمة. واتفق رؤساء الحكومات والدول على الاجتماع مرة أخرى فى 28 من مايو الحالى فى مدينة بروكسل أى بعد الانتخابات البرلمانية لدراسة نتائجها، و بدء عملية دراسة المرشحين المتقدمين لرئاسة المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبى. وعن هذا الاجتماع الاخير، قال دونالد تاسك رئيس المجلس الأوروبى، أن الجميع سينتظر نتائج انتخابات البرلمان لوضع أولويات الاتحاد الأوروبى خلال الفترة القادمة ولوضع ما يعرف بـ«الأجندة الإستراتيجية 2019-2024» والتى يتم من خلالها تحديد التحديات والأولويات. كما قال تاسك ان اجتماع سيبيو تناول الأمور الداخلية للاتحاد إلى جانب التحديات الدولية التى يجب وضعها فى الاعتبار والتى لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه. وأكد رئيس المجلس الأوروبى أن عملية تقدم المرشحين سواء لرئاسة المجلس الأوروبى أو المؤسسات الأوروبية الأخرى تسير وفقا لقواعد ثابتة ترجع لاتفاقيات تم إبرامها من قبل والتى تضمن تحقيق التوازن الجغرافى والديموغرافى حتى يتسنى للدول الصغيرة والكبيرة داخل الاتحاد أن يتم تمثيلها كقيادات لمؤسسات الاتحاد بصورة سليمة ومرضية.

ومن المقرر أن تضع الأجندة الإستراتيجية خطة العمل التى سيسير عليها المجلس الاوروبى والأسس على ستعمل وفقا لها المؤسسات الأوروبية. وكانت الأجندة السابقة التى وضعها برلمان 2014 قد ركزت على خمس أولويات هى: توفير الوظائف والنمو الاقتصادى وزيادة التنافسية، والتمكين وحماية المواطنين، والطاقة وسياسات المناخ، والحرية والأمن والعدل، والاتحاد الأوروبى كلاعب دولى قوى. فهل ستتغير أولويات الاجندة الإستراتيجية الجديدة؟

وقد صدر عن هذا الاجتماع غير الرسمى ما عرف بـ «اعلان سيبيو» لتأكيد الوحدة والثقة بين الدول الأعضاء فى مستقبل الاتحاد الأوروبى بعدما تزايد التشكيك فى رغبة الدول فى استمراره، وأكد تاسك ايمان الدول الأعضاء بضرورة الوحدة للحفاظ على قوة الاتحاد الاوروبى فى هذا العالم غير المستقر، المملوء بالتحديات، كما أكد تاسك إدراك الدول الاوروبية المسئولية الواقعة على عاتقها للحفاظ على مكانة الاتحاد الاوروبى على الساحة الدولية ومسئولية توفير مسقبل أكثر إشراقا للمواطن الأوروبى.

&