على مدى ثلاث ساعات ونصف ساعة، كان الوضع المتوتر في جنوب لبنان والمخاوف من التصعيد ومن ضربة إسرائيلية للبنان، المحور الرئيس لمحادثات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون في قصر الإليزيه في العاصمة الفرنسية.

بدأت المحادثات بلقاء ثنائي بين ماكرون وميقاتي قبل أن ينضم إليه عون، ثم توسع إلى غداء عمل حضره من الجانب الفرنسي المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان العائد من الولايات المتحدة ومستشارا ماكرون إيمانويل بون وآن كلير لوجاندر والسفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو ومديرة الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية آن غريو، ومن الجانب اللبناني السفير بطرس عساكر والمستشاران فارس الجميل ولحود لحود. وقال الرئيس ميقاتي لـ"النهار العربي" إن "دور فرنسا مهم جداً ونحن نعوّل على دور هذا البلد الحريص على لبنان".

وقال مصدر فرنسي رفيع لـ"النهار العربي" إن دعوة رئيس الحكومة وقائد الجيش إلى باريس كانت بهدف توجيه رسالة فرنسية عبر ميقاتي بضرورة التهدئة وبأن المهم بالنسبة إلى فرنسا أن ينسحب "حزب الله" إلى وراء الخط الأزرق وأن ينتشر الجيش في المنطقة. وأضاف المصدر أن الجيش اللبناني يحتاج إلى مساعدات ومعدات لينتشر، وهذا ما حصل عليه من الاتحاد الأوروبي الذي قدم مساعدات إلى لبنان بمليار يورو، جزء منها مساعدات إلى الجيش.

وشرح المصدر أن القلق الفرنسي من احتمال التصعيد يتأتى من أن إسرائيل لن تتحمل قصف "حزب الله" وإيقاعه خسائر في صفوفها من دون رد. وقال إن "لدى الرئيس ميقاتي الورقة الفرنسية للتهدئة وقد وافق على العمل عليها، وهذا جيد، لكن المهم بالنسبة إلى فرنسا أن ينسحب "حزب الله" وأن ينتشر الجيش ليتوقف الإسرائيليون عن القصف، خصوصاً أنهم يعدون العدة للهجوم المقبل على لبنان، وينبغي تجنب ذلك، وفرنسا تريد العمل من أجل ذلك مع الأميركيين ومع الشركاء العرب".

وأضاف المصدر أنه بالنسبة إلى المنطقة ليس هناك سيناريو استقرار في المدى القصير، وأن كل الخطط فشلت في الموضوع الإيراني، من استراتيجية أوباما توقيع الاتفاق النووي مع إيران ليدفعها إلى الحوار، إلى استراتيجية ترامب التي أخرجت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، إلى فشل بايدن. ورأى أن الهجوم الإسرائيلي على إيران "يثبت أنها في وضع هش، إذ إنها تعرضت لضربة في أصفهان وسط البلد بصواريخ إسرائيلية طارت لمسافة 1000 كيلومتر فوق إيران ومن سماء سوريا من دون التعرض إلى ضربة، والآن أصبح كل شيء ممكناً".

في موضوع الرئاسة اللبنانية قال المصدر: "يبدو أن الخماسية موحدة في موقفها، بحسب كلام لودريان الذي أبلغ ميقاتي تفاصيل لقائه المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين وأن الأميركيين أصبحوا يتعاونون مع فرنسا، وقد طلب الرئيس ماكرون من وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن إثارة موضوع فتح البرلمان اللبناني مع رئيسه نبيه بري، لكن المشكلة هي أنه في لحظة مثل هذه على "حزب الله" أن يقتنع بأن في مصلحته أن تكون المؤسسات اللبنانية فاعلة، والجانب اللبناني ما زال يعتبر أن انتخاب الرئيس يتطلب معجزة حالياً".

وفي موضوع اللاجئين السوريين أفاد المصدر الفرنسي بأن باريس "لا تقول للبنانيين اتركوا اللاجئين عندكم، ولكن فقط ينبغي أن تحصلوا على أدنى الضمانات بأن يعود اللاجئون إلى بلدهم من دون يعودوا إلى لبنان مجدداً، لكن كل الذين أجبروا على الذهاب عادوا إلى لبنان في اليوم التالي بسبب الوضع المأسوي في سوريا، فليس لديهم شيء هناك، لا منازل ولا عمل...".