أدخل موضوع الحرب المتوقعة بين إيران وإسرائيل دول الشرق الأوسط بإنذار متواصل منذ الثاني من نيسان (أبريل) الجاري، يوم قصفت إسرائيل سفارة إيران بدمشق وقتلت سبعة قادة إيرانيين، تنامت التهديدات الإيرانية بالرد على إسرائيل حتى بلغت أعلى مستويات القرار الإيراني وأهمها المرشد الأعلى علي الخامنئي، الذي توعد إسرائيل بعقاب شديد، في خطاب يوم العيد، ما جعل الرد الإيراني يبدو وشيكاً حسب التوقعات الأميركية.

تقول الأخبار إنَّ سوريا أبلغت إيران عدم استخدام أراضيها في إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وبهذا الطلب فإنَّ سوريا تتجنب خوض الحرب ضد إسرائيل لأنها منهكة وغير قادرة على تحمل المزيد من التدمير والخسائر.

الاعتذار السوري يحث على السؤال التالي: هل يدخل العراق الحرب إذا اندلعت بين إيران وإسرائيل كما نوه إلى ذلك عدد من الشخصيات القيادية للفصائل المسلحة الموالية لإيران أو في الحشد الشعبي العراقي؟ ما هي مؤهلات العراق الحربية في حال تورط بمثل هذه الحرب؟

الإجابة باختصار شديد، هي أنَّ العراق لا يمتلك القوة الجوية أو الصاروخية ولا الاستعداد لخوض هكذا حرب مع دولة تمتلك آلة حربية كبيرة ومتفوقة، ودخول الحرب يعني إعادة تدمير كل ما تم إصلاحه في العراق خلال عشرين سنة ماضية، وهناك تداعيات أخرى سوف تنتج عنها ربما تضع العراق في مهب الريح!

إيران يمكن لها أن تدخل الحرب ضد إسرائيل لأنها دولة كبيرة وتملك ترسانة من الأسلحة الصاروخية التي تستعرض بها منذ عشرين سنة، وكذلك جغرافية واسعة للمناورة الحربية، كما تتيح لها الصمود والتفوق في إصابة أهدافها بدقة داخل فلسطين وجغرافيتها الضيقة.

الحرب إن حدثت فإنها تأتي في سياق صراع استراتيجيات الدولتين، وأعني بذلك استراتيجية التوسع الإيراني وصدامها مع استراتيجية إسرائيل وتوسعهما على حساب الدول العربية وابتلاعها؛ إسرائيل تجد في توسع إيران ليس منافساً لها وحسب، بل محرضاً ضد وجودها عبر دعمها التنظيمات الإسلامية في الداخل الفلسطيني، كما حدث ويحدث مع حماس والجهاد الإسلامي، ووقت الحرب، الآن، تجده إسرائيل مناسباً جداً، قبل أن تمتلك إيران السلاح النووي الذي تحث الخطى نحو امتلاكه.

إقرأ أيضاً: العرب والحلم النووي

إنَّ كلا الطرفين الإسرائيلي والإيراني كانا يتجهزان ويستعدان في بناء ترسانتهما الحربية وحشد ركائز وقواعد القوة والدعم الدولي من خلال تحالفات مع الدول الكبرى، إسرائيل تحظى بدعم أميركي أوروبي، وإيران تحظى بدعم روسي وصيني.

الظاهرة التي كشف عنها صراع إيران ضد من تجدهم أعداءً لها، هي وجود الجيش البديل المستعار طائفياً "شيعياً" بدلاً عن الجيش الوطني، وأقصد به مجموع الميليشيات الطائفية الموالية لإيران في العراق ولبنان وسوريا واليمن وهناك ملتحقين من أفغانستان وغيرها، أذرع هجومية دفاعية توظفهم حسب التوزيع الجغرافي لتواجدهم وترسم لهم التوجهات والخطط وهم يتولون التنفيذ لأغراض وأهداف إيران وبعيداً عن مسؤوليتها القانونية والسياسية، كما يعفي أراضيها ومؤسساتها من التدمير، ما يجعل الحرب وأوزارها تدفع فواتيرها البشرية والمالية دول وميليشيات تابعة لها كما يحدث في لبنان وسوريا واليمن، والخشية العراقية أن يُزج بلدهم في هذه الحرب، حيث لاناقة لهم ولا جمل.

إقرأ أيضاً: إيران وإسرائيل والحرب المستحيلة

الضريبة السياسية التي يدفعها العراق في حال دخوله الحرب ضد إسرائيل ستكون باهظة للنظام العراقي، الذي يرتبط مع أميركا ويحظى بحمايتها وفق الاتفاقية الإطارية الاستراتيجية، إضافة للارتباط المالي إذ تحتفظ أميركا بصندوق أموال العراق الذي تدخل إليه مبيعات النفط العراقي، ومن خلال البنك الفيدرالي الأميركي يتم تحويل المبالغ التي يحتاجها العراق إلى وزارة المالية العراقية، الأمر الذي يهدد بانقطاع وصول الدولار إلى الخزينة العراقية، ناهيك عن العقوبات الأخرى التي ربما يتلقاها العراق من أميركا.