القدس: رغم تحديد مهلة 48 ساعة، لم تكن حركة حماس وإسرائيل قد قدمت الخميس أي رد على اقتراح هدنة عرضه الوسطاء الأحد فيما يخضع الطرفان لضغوط كبيرة من دون أن يبدو أي منهما مستعدا للمبادرة بالانسحاب من المفاوضات.

وينص المقترح الذي عرضه في القاهرة الوسطاء الأميركي والمصري والقطري بداية، على هدنة من ستة أسابيع وعلى إطلاق سراح 42 رهينة إسرائيلية في مقابل إطلاق سراح 800 إلى 900 فلسطيني تعتقلهم إسرائيل، ودخول 400 إلى 500 شاحنة من المساعدات الغذائية يوميا وعودة النازحين من شمال غزة إلى بلداتهم، بحسب مصدر من حماس.

وتطالب حماس بوقف نهائي لإطلاق النار وسحب إسرائيل قواتها من كل أنحاء قطاع غزة والسماح بعودة النازحين وزيادة تدفق المساعدات في وقت تقول الأمم المتحدة إن جميع السكان وعددهم نحو 2,4 مليون شخص يتضورون جوعا.

ومنذ الأحد تتوالى الاعلانات غير الرسمية المتناقضة في غالب الأحيان. ويرى حسني عبيدي من مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسطي في جنيف "المفاوضون وصلوا إلى الطريق المسدود. لكن أيا من الأطراف لم يعلن انسحابه بعد".

وقال ناطق باسم الحركة الفلسطينية الأربعاء ان "حماس تدرس الاقتراح".

وتطالب حماس بوقف نهائي لإطلاق النار وهو أمر يرفضه في هذه المرحلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو المصمم على "القضاء" على آخر مجموعات حماس المحتشدة برأيه في رفح في أقصى جنوب القطاع حيث لجأ 1,5 مليون فلسطيني هربا من الحرب.

وأكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أن مقتل ثلاثة من أبنائه الأربعاء في ضربة في غزة لن يغير شيئا في شروط الحركة.

ويرى محللون أن الطرفين مضطران للتوصل إلى نتيجة رغم انعدام الثقة بينهما. فأنظار العالم شاخصة إليهما والسكان في الجانبين منهكون.

هدنة تكتيكية
مع مقتل أكثر من 260 جنديا وإصابة المئات والتعب الذي يصيب العسكريين الذين يجب استبدالهم بشكل متواصل، قد تصب هدنة تكتيكية أقله في مصلحة القوات الإسرائيلية، على ما يرى محللون.

ويرى دانييل بايمان من كلية الخدمة الخارجية في جامعة جورجتاون أن الانسحاب المعلن الأحد لكل القوات الإسرائيلية باستثناء لواء واحد في وسط غزة، يدفع إلى الظن أن أسرائيل تريح جنودها قبل الهجوم المعلن على رفح.

وتعاني الدولة العبرية من عزلة متنامية على الصعيد الدبلوماسي بسبب العدد المرتفع جدا للقتلى المدنيين جراء حملتها العسكرية العنيفة في قطاع غزة مع 33545 غالبيتهم من النساء والأطفال وفق وزارة لصحة التابعة لحركة حماس، والأزمة الإنسانية الناجمة عن ذلك. ينبغي على إسرائيل تاليا تسجيل نقاط في الخارج.

وقد يريح بذلك علاقتها مع حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة المستاءة جدا "من فشلها في اقناعها" بتغيير استراتيجيتها على ما يرى حسني عبيدي.

وفيما تعكف واشنطن منذ البداية على تجنب تصعيد إضافي للوضع في لبنان وسوريا ووإيران، قد تؤدي الضربات التي نسبت إلى اسرائيل ودمرت مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، إلى "نسف" هذه الاستراتيجية على ما يقول هذا المحلل.

وقد ضاق الرئيس الأميركي ذرعا وهدد بربط أي دعم لإسرائيل بضبط النفس عسكريا وتحسين الظروف الإنسانية في قطاع غزة.

كذلك، تواجه حكومة نتانياهو خصوصا غضب عائلات الرهائن التي تطالب بعودة 129 منهم لا يزالون محتجزين في غزة من أصل 250 خطفوا خلال هجوم حركة حماس غير المسبوق داخل الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) ما أدى إلى مقتل 1170 إسرائيليا غالبيتهم من المدنيين وفق تعداد وضعته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

مسألة شخصية
من جانب آخر قد يؤدي اتفاق الهدنة إلى "كسر" الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بسبب معارضة اليمين المتطرف لأي تنازل إزاء حماس. ويشير دانييل بايمان إلى أن ذلك يشكل معضلة فعلية "لشخص مثل نتانياهو الذي لا يعرف عنه أنه يغلب مصلحة البلاد على طموحه السياسي".

ويضيف حسني عبيدي أن نتانياهو جعل من هذه الحرب "مسألة شخصية". وقال "لا أرى كيف يمكن لنتانياهو أن يعلن الانتصار في حال عدم إلقاء القبض أو قتل إي مسؤول من القيادة العليا لحماس".

وعلى رأس هؤلاء يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة الذي تعتبره إسرائيل العقل المدبر لهجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر).

أما بالنسبة لحماس، سيشكل التوصل إلى هدنة انتصارا له دلالات رمزية. ويرى عومير دوستري الخبير في في معهد القدس للشؤون الاستراتيجية والأمنية أن الهدنة ستسمح للحركة أيضا "باعادة تنظيم صفوفها ونصب كمائن للجيش".

ويوضح أن "هدف حماس هو التقاط الأنفاس أملا بأن تفضي الضغوط الدولية إلى إنهاء الحرب".

ويرى حسني عبيدي أن الهدنة ستجعل حماس تظهر بصورة أفضل في صفوف سكان قطاع غزة المنكوبين والجياع، مشددا على أن الحركة "تريد تلميع صورتها والتحضير لمرحلة ما بعد الحرب" مع أن نتانياهو وعد بمستقبل من دون حماس في القطاع.